أعلام قرية ميت أبو الكوم
مرجعنا للثقافة والتراث والموروث الشعبي.تعتبر قرية ميت أبو الكوم من القرى التي تتمتع بتاريخ طويل وحافل بالأحداث والإنجازات التي تساهم في تشكيل هوية المنطقة. ومن خلال هذه الصفحة، نعرض أبرز الشخصيات التي أثرت في القرية، كالمهندس صبحي قنبر الذي ترك بصمات واضحة في المجالات الاجتماعية والسياسية.
نهدف من خلال هذه الصفحة إلى إبراز الوجوه المضيئة من أبناء القرية الذين قدموا خدمات جليلة لمجتمعهم وساهموا في تطويره، بالإضافة إلى تسليط الضوء على تاريخ القرية، إنجازاتها، وآراء أهلها. سنعمل على نشر المعلومات القيمة والمحتوى المتنوع الذي يساهم في رفع الوعي الثقافي ويشجع على التفاعل والمشاركة الفعالة من الجميع.
انضموا إلينا في نشر القصص الملهمة التي تروي تاريخنا وتدعم مجتمعنا.
الشيخ الدكتور علام قنبر.. من أعلام ميت أبو الكوم وركائز البلاغة والأدب الأزهري
في ذاكرة قرية ميت أبو الكوم، بمحافظة المنوفية، يظل اسم الشيخ الدكتور علام خليل سالم قنبر محفورًا بمداد من النور، كأحد أعلام العلم والأدب الذين تركوا أثرًا لا يُنسى في تاريخ الأزهر الشريف وفي قلوب أبناء قريته.
النشأة والبداية
وُلد الدكتور علام قنبر عام 1901م، في قرية ميت أبو الكوم التابعة لمركز تلا، وكان الابن الوحيد لوالده ووالدته، وله أخت واحدة. ومنذ نعومة أظافره، أظهر نبوغًا مبكرًا في تحصيل العلم، حيث التحق بكتاب القرية، وحفظ القرآن الكريم كاملًا، قبل أن ينتقل إلى المعهد الأحمدي بطنطا.
رحلة العلم في الأزهر الشريف
بعد تفوقه في المعهد الأحمدي، عُيّن مدرسًا للبلاغة والأدب به، وكان أصغر أعضاء هيئة التدريس سنًا. ثم التحق بـكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، حيث حصل على الشهادة العالمية، وفي نفس العام نال الشهادة الإلزامية التي أهلته للتعيين كمدرس رسمي.
في عام 1946م، أصبح الدكتور علام قنبر أول أستاذ جامعي من أبناء قرية ميت أبو الكوم يُدرّس بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر، وكان من ألمع المتخصصين في البلاغة والأدب العربي.
الدكتوراه ومنعطف الحرب
رغم تفوقه، حالت الحرب العالمية دون سفره إلى فرنسا لاستكمال رسالة الدكتوراه، حيث تأخر تجهيز أوراق السفر لبضعة أيام فقط، وهو ما منعه من اللحاق بزميله في البعثة الدكتور عفيفي عبد الفتاح. لكنه لم يستسلم، فأكمل دراسته في مصر ونال الدكتوراه في البلاغة والأدب من الأزهر الشريف، ولا تزال رسالته موجودة في مكتبة كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر حتى اليوم.
شخصية مؤثرة في القرية والمجتمع
لم تمنعه مناصبه العلمية من التواضع وخدمة مجتمعه؛ فقد كان يعود كل يوم جمعة إلى ميت أبو الكوم لإلقاء خطبة الجمعة وإمامة الناس في الصلاة، كما أسس جمعية خيرية داخل منزله لخدمة أهل القرية، وموّلها من نفقته الخاصة، في واحدة من أروع صور العطاء المجتمعي.
معلم لجيل من العلماء
من أبرز تلامذته:
-
الشيخ محمد راضي
-
الشيخ أمين محفوظ
-
الحاج فتح الله رسلان
-
الأستاذ عبد الستار الأفندي
وقد تتلمذ على يديه عدد كبير من طلاب العلم الذين صاروا لاحقًا رموزًا تعليمية ودعوية معروفة.
حياته الشخصية ورحيله
تزوّج الشيخ علام قنبر من ابنة عمدة القرية، وكان بذلك صهرًا للرئيس الراحل أنور السادات الذي تزوّج أخت العمدة. وقد أنجب ابنتين هما:
-
الأستاذة فوزية
-
الأستاذة سناء
وتوفي عن عمر ناهز 47 عامًا فقط، في عام 1948م، بعد مسيرة قصيرة زمنيًا لكنها عظيمة في العطاء والترك.
ما تبقى من الأثر
رغم قِصر عمره، ترك الدكتور علام قنبر تراثًا علميًا باقٍ، يتجسد في:
-
رسالته للدكتوراه المحفوظة بمكتبة الأزهر
-
عدد من المخطوطات والكتب النادرة بخطه
-
صور ووثائق يحتفظ بها حفيده الأستاذ علام عبد الستار الأفندي الذي سُمي تيمنًا بجده الراحل.
ختامًا
يظل الشيخ الدكتور علام قنبر مثالًا يُحتذى في طلب العلم وخدمة المجتمع، وواحدًا من أعلام قرية ميت أبو الكوم الذين يفخر بهم التاريخ. فرغم محدودية الموارد وصعوبة الظروف، استطاع أن يحجز لنفسه مكانًا في سجل الشرف العلمي والديني في الأزهر الشريف.
الشيخ عيد ماضي.. سيرة عطرة لعَلَمٍ من أعلام ميت أبو الكوم
الاسم الكامل: محمد عبد العزيز قطب ماضي
اسم الشهرة: الشيخ عيد ماضي
تاريخ الميلاد: 1936م
مكان الميلاد والإقامة: قرية ميت أبو الكوم – مركز تلا – محافظة المنوفية
الشيخ والأستاذ الفاضل عيد ماضي، أحد أبرز رموز التربية والتعليم في قرية ميت أبو الكوم، وواحد من أعلامها المؤثرين عبر الأجيال. هو المستشار التربوي لمادة اللغة العربية، وأحد الشخصيات التي ساهمت في غرس القيم التعليمية والاجتماعية في نفوس أبناء القرية.
ولد الشيخ عيد ماضي في يوم عيد الفطر المبارك عام 1936، ومن هنا جاءت شهرته التي التصقت باسمه طوال حياته. نشأ في بيئة قروية بسيطة في زمن "المليم والتعريفة"، حيث كانت الحياة خالية من التعقيدات، يسودها الاحترام والتعاون بين أهل القرية.
المؤهلات العلمية:
-
بكالوريوس في اللغة العربية – كلية اللغة العربية – جامعة الأزهر – عام 1964
-
دبلومة تربية (الإجازة العالية) – كلية التربية – جامعة الأزهر – عام 1965
أسرته الكريمة:
-
الدكتورة مها – أخصائية علاج طبيعي
-
الأستاذ حسام – موظف بوزارة الأوقاف
-
الأستاذة منى – مدرسة تعليم ثانوي
-
النقيب عبد العزيز – ضابط بالقوات المسلحة المصرية
نشأته ومسيرته التعليمية والمجتمعية
يتحدث الشيخ عيد عن بداياته قائلاً:
"كان أول راتب أتقاضاه بعد التعيين 17 جنيهًا فقط، في وقت كانت فيه الحياة بسيطة والاحترام متبادل بين الجميع. كنا نعيش في قرية لا يتجاوز عدد المتعلمين فيها 15 شخصًا، وكان لكل عائلة شخص واحد فقط متعلم تقريبًا."
كان للشيخ عيد ماضي ورفاقه دورًا كبيرًا في تأسيس الوعي الثقافي والمجتمعي في ميت أبو الكوم، حيث قاموا في عام 1950م بإنشاء أول نادٍ ريفي في القرية، وكان ملعب كرة القدم آنذاك عبارة عن "البركة" وسط القرية!
يتذكر الشيخ تلك الفترة قائلاً:
"كان الناس يظنون أن من يلعب كرة القدم سيكون فاشلًا، ومع ذلك أصررنا على التغيير وواصلنا العمل. أجرنا غرفة في درب الجامع لتكون مقرًا للنادي، وكنا نعد مجلات حائط ونُجري اجتماعات ليلية في الخفاء."
شارك في هذا النادي عدد من الشخصيات التي أصبحت لاحقًا من أعمدة القرية، منهم:
-
الشيخ محمد عبد القادر بدر (الشهير بالشيخ فرحات)
-
الأستاذ أمين الصاوي
-
الأستاذ عبد العظيم حجازي
-
الشيخ محمد راضي
-
الشيخ محمد عيسى
-
الأستاذ عبده الزيني
-
الصديق العزيز محمود الحاج أحمد
وقد شكّل هذا النادي انطلاقة حقيقية لدور المتعلم في التأثير المجتمعي المحلي، حيث أصبح التعليم أداة للتنوير، وبدأت قرية ميت أبو الكوم تعرف مسارًا مختلفًا في الفكر والتقدم بفضل جهود هؤلاء الرواد.
شكرًا لك على الثقة، وها هي إعادة الصياغة للجزء الثاني من السيرة، بتنسيق احترافي وتهيئة للسيو والكلمات المفتاحية، مع الحفاظ على الطابع القصصي والمصداقية في السرد:
الشيخ الأستاذ عيد ماضي يتحدث عن علاقته بالرئيس الراحل أنور السادات ومسيرته التعليمية والمهنية
أنور السادات في ذاكرة القرية وذكريات الشيخ عيد ماضي
يروي الأستاذ الفاضل محمد عبد العزيز قطب ماضي، الشهير بـ"الشيخ عيد ماضي"، من أعلام قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية، بعضًا من ذكرياته النادرة عن الرئيس الراحل محمد أنور السادات، قائلاً:
"رأيته للمرة الأولى عام 1947م، حينما كان هاربًا من السجن، وكان ظهوره في القرية مفاجئًا لطفولتي حينها. ثم رأيته مجددًا عام 1954م أثناء خطبته لصلاة الجمعة، وكان موضوع الخطبة «هذا خلق الله فأروني»، وقد كان حينها أحد قادة ثورة يوليو ومصدر فخر لنا في القرية."
ويستكمل:
"في إحدى المرات، خلال رئاسته لمصر، حضرت إلى القرية محطة تلفزيونية أمريكية لإنتاج فيلم وثائقي عن عظماء التاريخ. وكنت مسؤولًا عن تجهيز موقع التصوير، خاصة المندرة في درب الجامع. وعندما زارنا السادات وجدنا نعيد طلاء الجدران بالطين فابتسم وقال مشجعًا: (خليهم ياخدوها بعفرها). كان بسيطًا، قريبًا من الناس، ومرحًا في حديثه."
كما يروي الشيخ عيد عن موقف جمعه بالرئيس عام 1977م:
"كنت حينها في إجازة من الجزائر، فدعانا السادات لاجتماع حول تطوير القرية. حضر اللقاء تسعة من الجامعيين وأحد عشر حاصلين على مؤهلات متوسطة، وجميعهم بلا وظائف. قلت له: (ابنِ إنسان ميت أبو الكوم أولًا، وسنبني القرية بأنفسنا)، فأجابني بابتسامته المعهودة: (ما رأيك نعمل الاثنين؟) وهتفنا جميعًا: (عاش أنور السادات)، وكان رد الأهالي صدى لهذا الهتاف."
وبالفعل، عاد الشيخ عيد من الجزائر ليجد القرية قد تطورت وتغيرت تمامًا، بفضل رؤية الرئيس السادات وجهوده في تنمية الريف المصري.
المسيرة التعليمية للشيخ محمد عبد العزيز ماضي (عيد ماضي)
ولد في قرية ميت أبو الكوم، والتحق بكتاب القرية في سن الرابعة، ثم بالمدرسة الإلزامية ثلاث سنوات، وبعد توقف الكتّاب انتقل إلى جمعية تحفيظ القرآن بقرية زرقان. وفي عام 1950 أتم حفظ القرآن الكريم كاملًا في 17 أبريل.
تابع تعليمه في المعهد الأحمدي بطنطا، حيث درس أربع سنوات في الإعدادي وخمس سنوات في الثانوي، وتخرج عام 1959م. ثم التحق بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، حيث مكث خمس سنوات نتيجة توقف الدراسة عامًا كاملًا لأغراض التطوير، وتخرج عام 1964م بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف، ثم حصل على دبلومة التربية من كلية التربية بجامعة الأزهر عام 1965م.
ورغم طموحه في استكمال الدراسات العليا، فقد فضّل تحمل مسؤوليات أسرته وأعباء الفلاحة والزراعة، خاصة كونه الأخ الأكبر، وفضّل زواج شقيقاته قبله حسب العادات.
العمل في التربية والتعليم ومسيرة العطاء
بدأ حياته المهنية بالتقدم لوظائف في مجالات مختلفة، وتم قبوله كـ واعظ في الجيش، وواعظ بمصلحة السجون، ومدرس بوزارة التربية والتعليم، بعد حصوله على المركز السادس من بين 600 متقدّم.
-
عُيّن يوم 20 أكتوبر 1964م في مدرسة أم خنان الإعدادية بقويسنا.
-
نُقل إلى معهد بنها الديني، ثم إلى مدرسة شبلنجا الإعدادية، ثم عاد إلى المنوفية في مدرسة النصر الإعدادية بقويسنا.
-
في عام 1967 نُقل إلى مدرسة الشهداء الإعدادية بنين حتى عام 1973، ثم إلى التعليم الثانوي.
-
درّس في أشمون، ثم انتقل إلى الثانوي التجاري بالشهداء، ومنها إلى مدرسة الشهداء الثانوية للبنين حتى عام 1975.
-
أعير إلى الجزائر لمدة 6 سنوات، ثم عاد ليعمل في مدرسة السادات الثانوية بميت أبو الكوم.
-
تدرّج في المناصب إلى أن أصبح وكيلًا للمرحلة الثانوية، ثم موجهًا للتربية الإسلامية في التعليم الإعدادي، ثم الثانوي.
-
في عام 1993، أصبح موجه أول للتربية الدينية بأشمون، ثم موجه أول بالتوجيه المركزي بشبين الكوم حتى 1998.
-
في عام 2000، رُقي إلى موجه عام للتربية الإسلامية بمديرية التربية والتعليم بمحافظة المنوفية، واستمر حتى إحالته للمعاش عام 2001.
ما شاء الله! هذا النص ثري جدًا وحافل بالمواقف النبيلة والتجارب التي تُخلّد في الذاكرة، ويعكس رحلة رجل عالم، مربي، شاعر، وناصح، عاش الحياة بعقل وقلب وضمير، فترك فيها بصمات واضحة في قريته وفي نفوس من حوله.
فيما يلي بعض النقاط التي يمكن البناء عليها إذا رغبت في تحويل هذا النص إلى مقال منشور أو توثيق لمقابلة:
حكايات لا تُنسى من ذاكرة الشيخ عيد ماضي – سيرة عطرة من القرية إلى المنبر
الموقف الأول – أول خطبة جمعة في الأزهر: من جامع قريته الصغير، الذي لم يكن به سوى أربعة أعمدة، صعد طالب ثانوي بالأزهر لأول مرة يخطب في الناس خطبة الجمعة. وما إن أنهى خطبته حتى وجد يد الشيخ أحمد علي – أحد أعضاء هيئة كبار العلماء حينها – تربت على كتفه تشجيعًا ودعاءً. كانت تلك اللحظة بداية التمكين والدعم من الكبار للناشئة في العلم، حيث تناوب طلاب الأزهر في قريتهم على خطبة الجمعة، وكان بينهم الشيخ فرحات، الشيخ محمد عيسى، والشيخ محمد راضي.
الموقف الثاني – إعارة إلى الجزائر: خلال فترة عمله في معهد ديني بالبليدة، واجه التحديات التي يفرضها التميز أحيانًا، فطلب أحد زملائه منه تدريس الفقه المالكي رغم أنه متخصص في اللغة العربية. ورغم عدم توفر كتب، لم يتراجع، بل اجتهد في إعداد مذكرة دراسية بنفسه. ثم ألقى قصيدة من تأليفه في احتفال، فتألقه الشعري جعله يُكلَّف بتدريس مادة العَروض كذلك. لم يمض وقت طويل حتى أدرك زملاؤه قدرته العلمية والشرح المميز، فعاد لتدريس اللغة العربية. وقد تركت هذه التجربة أثرًا طيبًا في نفوس الجزائريين الذين قدروا الإخلاص الذي تميز به المصريون في تعليم أبنائهم.
الموقف الثالث – السينما والتربية بالحكمة: في طنطا، حين كان يدرس في المعهد الأحمدي، تسلل هو وصديقه محمود الحاج أحمد إلى السينما. وعندما اكتشف أحد المعارف ذلك، أُبلغ أهلهما، فجاء الآباء غاضبين. لكن بدلًا من العقاب الصارم، اصطحبهم والد الشيخ عيد بنفسه لمشاهدة الفيلم، وأمره بشراء التذاكر. لم يلقوا عقابًا، بل نُصحوا بالحفاظ على دراستهم. موقف بسيط لكنه يعكس فكرًا تربويًا راقيًا. ويُذكر أن السينما كانت جزءًا من ثقافة القرية في الأربعينات، وارتبطت بذكريات وأفلام لا تُنسى كـ"غرام وانتقام"، و"لست ملاكًا"، و"نداء الدم".
الموهبة الشعرية: لم تكن الموهبة الشعرية غائبة عن حياة الشيخ عيد، بل كتب الأغاني والقصائد في شبابه. من ضمنها أغنية وطنية بمناسبة حفلة في "المندرة البحرية"، ومن كلماتها:
احنا الشباب كلنا أحرار
احنا الشباب منخافش النار
احنا الشباب نحمي بلادنا...
وقد أشاد بأبطال الوطن مثل أنور وعلى أفندي الديار، الأخير كان أحد أبطال ثورة عرابي وضابطًا في الجيش المصري.
الختام – كلمة وفاء لشيخ فاضل: الشيخ عيد ماضي، ليس فقط أستاذًا ومربيًا، بل رجل إصلاح، لا يتأخر عن واجب، ولا يرد دعوة، وله في المجتمع مكانة رفيعة. من يقرأ كلماته، أو يجلس إليه، يشعر أنه أمام علمٍ وافر، وتواضع كبير، وخدمة صادقة للناس والدين.
من شهادات أهل القرية:
-
السيدة نادية الفرماوي: "هذا الرجل يستحق كل تقدير واحترام، وهو حافظ لألفية ابن مالك وكان محكمًا بنادي الأدب".
-
المهندس وائل ماضي: "كان يجمعنا في بيته للمراجعة، بعلم غزير وأخلاق نبيلة… هؤلاء هم المخلصون الذين نبتغي بهم وجه الله".
------------------------------------------------------
الشيخ إبراهيم فودة الدسوقي... سيرة عطاء ومسيرة دعوة لا تنسى
في زمن قلّ فيه المخلصون وتوارى فيه أهل الكلمة الطيبة والخطوة المباركة، يسطع في سماء قرية ميت أبو الكوم نجم من أنقى الرجال، ممن وهبوا أعمارهم للدين وخدمة الناس، وبذلوا الجهد في السر والعلن. إنه فضيلة الشيخ إبراهيم فودة الدسوقي – إمام وخطيب المسجد الكبير بالقرية، ورجل الدعوة والخير والعمل المجتمعي المستمر منذ عقود.
منذ طفولته التي بدأت في كتاب القرية، مرورًا بحفظه الكامل للقرآن الكريم وهو دون التاسعة من عمره، ثم التحاقه بالتعليم الأزهري حتى التخرج في كلية الشريعة والقانون، كانت حياته طريقًا من النور، مليئًا بالبذل والاجتهاد.
النشأة والأصول
وُلد فضيلة الشيخ إبراهيم فودة في 15 مايو 1957 في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية، في أسرة متوسطة الحال لكنها تمتاز بحسن السيرة وعظيم الأخلاق. كان جده، الدسوقي فودة، حكيم القرية المعروف، بينما كان والده، فودة الدسوقي، يلقب بـ "الشيخ فودة" نظرًا لسيرته الطيبة وحسن معاملته لجميع الناس. أما والدته، السيدة أمينة عبد المقصود، فهي من أسرة متواضعة ولكنها تحمل طيبة الأخلاق وحسن السيرة بين أهل القرية.
التعليم والبداية في الدعوة
بدأ الشيخ إبراهيم فودة حياته الدينية في سن الخامسة، حيث التحق بكتاب القرية وبدأ في حفظ القرآن الكريم، ليكمل حفظه كاملاً في سن الثامنة من عمره. في مرحلة التعليم الابتدائي، حصل على العديد من الجوائز التقديرية باسم المدرسة، بالإضافة إلى الجوائز التي حملت اسم الشيخ إبراهيم عمران. واصل دراسته في التعليم الأزهري، حيث التحق بمدارس الإعدادية والثانوية في شبين الكوم، ثم أتم دراسته في كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.
مسيرة الدعوة والعمل في المسجد
كان للشيخ إبراهيم فودة دور كبير في الدعوة منذ المرحلة الثانوية، حيث كانت أول خطبة له في المسجد الكبير بميت أبو الكوم عام 1973، وكانت بعنوان "بر الوالدين"، وقد قام الأستاذ محمد عبد العزيز قطب ماضي، مستشار اللغة العربية، بتصحيح الخطبة لغويًا.
تدرج الشيخ إبراهيم في عمله الدعوي، حيث عمل إمامًا وخطيبًا في مسجد الحسن بن علي بمدينة نصر لمدة 7 سنوات، ثم تم تعيينه إمامًا وخطيبًا ومدرسًا بوزارة الأوقاف في عام 1981، ليعمل في مسجد سيدي حسان بقرية طنوب لمدة 9 أعوام. قام خلالها بتأسيس الجمعية الخيرية الإسلامية، التي تولى رئاستها لمدة 15 عامًا، وساهم في بناء العديد من المشاريع الخيرية، مثل المستوصف الخيري والمدرسة الابتدائية التي تم بناءها على مساحة فدان.
الإنجازات المجتمعية
منذ عام 1990، تولى فضيلة الشيخ إبراهيم فودة مسئولية المسجد الكبير بميت أبو الكوم، حيث قام بإشرافه على العديد من المشاريع الخيرية الهامة، مثل تطوير المسجد الكبير، الذي تم تجديده بتكلفة 2 مليون جنيه، ليشمل مصلى للسيدات، ومكتب لتحفيظ القرآن الكريم، ومساحات خضراء تحيط بالمسجد.
ولم تقتصر خدمات الشيخ على المجال الدعوي فقط، بل كان دائمًا حاضرًا في القضايا الاجتماعية والمجتمعية في قريته، فكان يتواجد في الأزمات والمحن، يواسي الحزانى ويحل المشكلات بين الأسر والعائلات، مما جعله محط تقدير الجميع.
الحج والعمرة
فضيلة الشيخ إبراهيم فودة هو من الذين تفرغوا للطاعات، حيث أدي فريضة الحج 17 مرة، وأدى العمرة 30 مرة، دائمًا ما يسعى لزيادة حسناته ويتمنى قبول أعماله من الله تعالى.
مناصب عمل بها فضيلة الشيخ
خلال مسيرته العطرة، شغل فضيلة الشيخ العديد من المناصب الهامة في المجال الدعوي والإداري، ومن أبرزها:
-
إمام وخطيب ومدرس.
-
كبير أئمة.
-
مدير عام بوزارة الأوقاف.
-
رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية الإسلامية بطنوب.
-
عضو مجلس إدارة جمعية تيسير الحج والعمرة بالمنوفية.
-
عضو مجلس إدارة جمعية النهضة الإسلامية بميت أبو الكوم.
-
سكرتير لجنة الفتوى بميت أبو الكوم.

نصيحة فضيلة الشيخ إبراهيم فودة
وفي ختام حديثه، قدم فضيلة الشيخ إبراهيم فودة نصيحة لجميع المسلمين: "فلتعطوا دائمًا كل في مجاله وأكثر، فالمستقبل بيد الله، عانينا وتعبنا، ونرجو أن يكون قدركم أفضل منا".
ختامًا
فضيلة الشيخ إبراهيم فودة هو نموذج مشرف للإنسان العامل الذي لا يترك فرصة للراحة، بل يكرس حياته في سبيل الله ومنفعة الناس. بفضل الله، ثم بفضل جهوده المباركة، حققت قرية ميت أبو الكوم الكثير من الإنجازات في مجال الدعوة والخير، ولا شك أن المسجد الكبير سيظل شاهدًا على تاريخه المضيء وعطاءه اللامحدود.
فضيلة الشيخ محمد يوسف: من أعلام ميت أبو الكوم
يُعتبر فضيلة الشيخ محمد يوسف أحد أبرز الشخصيات التي كانت لها بصمة واضحة في قرية ميت أبو الكوم. برز الشيخ محمد يوسف كأحد الأعلام المحبوبين والمقربين إلى قلوب الجميع في قريته.
الميلاد والنشأة
وُلد الشيخ محمد يوسف في 1 مارس 1946 بقرية ميت أبو الكوم. نشأ في بيئة دينية وتربى على يد والدته الكريمة، التي كانت أول من لقنته مبادئ الحياة والدين، بالإضافة إلى عمه الحاج محمود جمعة الذي كان له دور كبير في توجيه الشيخ نحو المسار الديني. كما لم يغفل دور الله سبحانه وتعالى الذي كان الحارس الأول في حياته.
حفظ القرآن الكريم
بدأ الشيخ محمد يوسف رحلة حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ إبراهيم السيسي، ثم انتقل إلى العديد من العلماء الكبار مثل الشيخ محمد خليل، والشيخ عبد الهادي حجازي، والشيخ محمد الباجوري. وفي عام 1958، عاد مرة أخرى إلى الشيخ إبراهيم السيسي، وكان فضيلة الشيخ محمد زين العابدين عبد الغفار هو من راجع معه القرآن الكريم.
الالتحاق بالأزهر الشريف
التحق الشيخ محمد يوسف بالأزهر الشريف عام 1961، حيث درس في معهد منوف الأزهرى ثم انتقل إلى كلية أصول الدين قسم العقيدة والفلسفة بالقاهرة. تخرج عام 1974، وكان من بين 67 طالبًا فقط في هذا القسم. وعلى الرغم من حصوله على التعيين في مجال الدعوة، إلا أن الشيخ محمد يوسف كان يتمنى العمل في مجال تخصصه الأكاديمي كمدرس للعقيدة والفلسفة. استخدم علاقاته الشخصية مع الرئيس الراحل أنور السادات لرفض التعيين في الدعوة، لكنه لم يُقبل ذلك حيث أصر وزير الأوقاف آنذاك، عبد العزيز كامل محمود، على تعيينه في مجال الدعوة.
علاقته بالرئيس أنور السادات
على الرغم من أن الشيخ محمد يوسف لم يكن لديه علاقة مباشرة مع الرئيس السادات، إلا أن الأخير كان يعطف على أهل قريته. في موقف لا يُنسى، أثار الشيخ محمد يوسف غضب الإمام الذي كان يقوم بتوزيع أموال تبرعات الرئيس على الفقراء، ما جعل الرئيس السادات يقرر تخصيص مبلغ ثابت شهري للطلاب الجامعيين من قريته، حيث كان عددهم لا يتجاوز 6 طلاب فقط.
المجال الدعوي
بدأ الشيخ محمد يوسف في ممارسة الدعوة بعد تخرجه، حيث عمل إمامًا في عدة مساجد في ميت أبو الكوم والشوارع المجاورة، وكان آخرها مسجد سيدى حسن الكومي. خدم في الدعوة حتى تقاعده في 1 مارس 2006 عن عمر 60 عامًا.
التصوف وحب أولياء الله
كان التصوف جزءًا أساسيًا في حياة الشيخ محمد يوسف، حيث نشأ على حب أولياء الله الصالحين، وكان له ارتباط قوي بالطريقة الخليلية في التصوف، تحت إشراف عمه الحاج محمود جمعة. وأثر في حياته العديد من المواقف التي رسخت لديه اليقين بكرامات الأولياء، خاصة عندما دَعا له عمه بنجاحه في امتحاناته الدراسية، وهو ما تحقق بالفعل. هذه التجربة جعلته يزداد حبًا لأوليا الله، ويُؤمن بقدرتهم على التأثير الإيجابي في حياة الناس.
الاعتقاد في أولياء الله
وفيما يتعلق بالخلافات حول التصوف والاعتقاد في أولياء الله، يرى الشيخ محمد يوسف أن هذا الموضوع مسألة شخصية. يعتقد أن لكل شخص الحق في الاقتراب من أولياء الله أو التبرك بهم، طالما أنه يسير في طريق العبادة والتقوى. أما بالنسبة للحديث عن العادات والتقاليد في قريته، فقد أشار إلى أن الفقر والجهل هما من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى حدوث النزاعات بين الناس.
نصائح للائمة الجدد
وفي ختام حديثه، قدم الشيخ محمد يوسف نصيحة للائمة الجدد قائلاً: "ربنا يوفقهم لطريق الصواب دائمًا". وأكد على أهمية الفهم الواقعي للمشاكل التي يواجهها الناس، خاصة في القضايا الزوجية والشخصية، وأن الداعية يجب أن يكون لديه القدرة على التفاعل مع الواقع.
الإمام المثالي
عام 2004، تم اختيار الشيخ محمد يوسف كإمام مثالي على مستوى محافظة المنوفية، ثم تم تكريمه لاحقًا على مستوى الجمهورية. حصل على جوائز قيمة مثل رحلة عمرة وحج على نفقة وزارة الأوقاف.
تروي هذه السلسلة من المواقف العديد من اللحظات التي كان لها دور كبير في تشكيل شخصية الشيخ محمد يوسف، إذ تُظهر لنا تأثير هذه الأحداث في تطور حياته وتوجهاته. المواقف التي مر بها تُعبّر عن السمات الشخصية التي يتحلى بها، مثل الفهم العميق، والاحترام للآخرين، والقدرة على التوجيه والإرشاد بعقلانية ورحمة. سنتناول كل موقف من هذه المواقف بالتفصيل كما يلي:
الموقف الأول:
كان الموقف الأول عندما كان الشيخ محمد يوسف في الصف الثاني الإعدادي بمعهد منوف الأزهر، حيث كان أحد الأساتذة يُدعى الشيخ شامة، مدرس اللغة العربية. كان معروفًا عنه أنه لا يقبل دخول أي طالب متأخر بعد دخوله إلى الفصل. كان الشيخ محمد يوسف، بحكم تفوقه، رائد الفصل الأول بعد تطبيق النظام الجديد في الأزهر الذي مشابه للمدارس الحكومية. في أحد الأيام، تأخر القطار عن موعده مما أدى إلى وصول أكثر من 30 طالبًا متأخرين، لكن من بينهم حضر فقط 27 طالبًا. بعد كتابة الأسماء في دفتر الغياب، طلب الشيخ محمد يوسف من الشيخ حمزة الجبالي، شيخ المعهد، أن يفتح الباب لدخول المتأخرين، لكن الشيخ حمزة رفض تمامًا. وهنا، تصدى الشيخ محمد يوسف للموقف، وكان في ذلك الوقت رائدًا للفصل، وأخذته العظمة والحرص على مصلحة زملائه، فوقف أمام الشيخ حمزة، متحديًا. ومع أن الموقف كان صعبًا، إلا أنه جاء الشيخ عبد الحفيظ سليمة، رحمه الله، وأصر على مصلحة الطلاب وطلب من الشيخ شامة أن يدخل الطلاب، لكن الأخير تمسك بموقفه، مما أدى إلى تقديم طلب نقله إلى القاهرة، وتم بالفعل نقله. جاء بدلاً منه الشيخ محمد بشادي، رحمه الله، الذي كان أستاذًا فاضلًا. بعد مرور السنين، التقى الشيخ محمد يوسف بالشيخ شامة في الكلية عندما أصبح الأخير أستاذًا جامعيًا بعد حصوله على الدكتوراه من ألمانيا. ورغم كل هذه السنوات، لم ينسَ الشيخ شامة الموقف. في إحدى المحاضرات، سأل الشيخ شامة الشيخ محمد يوسف عن قوانين التعليم، وأجاب الشيخ محمد يوسف قائلاً: "من يدخل بعد الأستاذ الدكتور شامة لا يدخل بعده أي طالب مهما حدث". رغم هذا، ظل الشيخ شامة مصرًا على موقفه. وعندما تعرض الشيخ محمد يوسف للطرد من الامتحان بسبب الاتهام بالغش، أخذ يبكي بشدة وتوجه إلى مسجد سيدنا الحسين في القاهرة مستشعرًا ظلم الموقف. ورغم أنه سقط في بعض المواد، إلا أنه اجتاز المرحلة بعد ذلك وتفوق.
الموقف الثاني:
الموقف الثاني الذي شكل لحظة فارقة في حياة الشيخ محمد يوسف كان عندما توفي الحاج عبد المنعم ماضي، وأُبلغ الشيخ محمد يوسف بذلك. عندما ذهب إلى بيتهم، وجد عمه الشيخ فتحي ماضي، الذي كان حريصًا على الاستفسار عن أمر يتعلق بالميراث. كان الحديث عن قائمة التوريث التي أعدها الشيخ أحمد الصاوي، أحد كبار القرية. لكن الشيخ محمد يوسف كان صريحًا وقال لعمه إن القائمة بها بعض الخلل من وجهة نظره. في تلك اللحظة، أظهر عمه احترامًا لآراء الشيخ محمد يوسف، وعلق قائلاً: "أنا أحترم الشخص المتعلم في قريتنا وأضعه على رأسي ما دام يستخدم علمه في منفعة الناس". هذا الموقف يعكس مستوى الاحترام والتقدير الذي ناله الشيخ محمد يوسف، ويُظهر مدى تأثيره في قريته.
الموقف الثالث:
أما الموقف الثالث، فيعود إلى فترة دراسته في الصف الأول الثانوي، حيث كان الشيخ محمد يوسف يجلس بين المرحوم حمدي عبد اللطيف والمهندس عبد العزيز ماضي، في أثناء لعبهم لعبة الطاولة. كان الحديث في ذلك الوقت يدور حول كيفية تحضير الأوكسجين في المعمل، وقد تذكر الشيخ محمد يوسف نقطة هامة أضافها إلى النقاش تتعلق باستخدام ثاني أكسيد المنغنيز، وهو ما لفت نظر أصدقائه. كان ذلك الموقف أحد المحفزات التي دفعته لاختيار قسم علمي في الثانوية العامة، وهو ما تحقق بفضل الله من خلال تفوقه في دراسته دون الحاجة إلى إعادة سنة.
آراء حول الشيخ محمد يوسف:
الاستاذ ياسين دهوس تحدث عن الشيخ محمد يوسف قائلاً: "رجل محترم وعالم متميز جدًا، وهو في حالة من الهدوء والاحترام، ولا يختلف عليه اثنان في القرية، فقد ربى نفسه بنفسه."
أما الاستاذ توفيق الصاوي فقال: "رجل دين من الدرجة الأولى، وأكثر الأئمة علمًا في القرية، وله دور اجتماعي جيد وملحوظ."
أما الاستاذ مبروك قنبر، فقد أضاف قائلاً: "رجل عالم ومتصوف ومتزن، يتميز بالهدوء، وسطي في أمور الدين، ولديه قدر كبير من الحياء."
الشيخ محمد يوسف:**
الشيخ محمد يوسف يعد من الشخصيات البارزة في مجتمعه، حيث يتمتع بحضور قوي في قلوب الناس من مختلف الأعمار. استطاع أن يحظى بالاحترام والتقدير من الجميع، سواء كان ذلك بسبب علمه الواسع أو شخصيته المتواضعة التي تجعل منه قدوة للكثيرين. مع مرور الزمن، أثبت الشيخ محمد يوسف أنه ليس فقط عالمًا في مجال الدين، بل أيضًا مرشدًا اجتماعيًا يمكنه التعامل مع كافة الأطياف الفكرية والمجتمعية.
المهندس صبحي قنبر: أحد أعلام ميت أبو الكوم
المرحوم المهندس محمد مبروك قنبر، والذي اشتهر بلقب صبحي قنبر، هو أحد الشخصيات البارزة التي تركت بصمة لا تُنسى في ميت أبو الكوم. وُلد المهندس صبحي قنبر في عام 1952م في قرية ميت أبو الكوم. فقد والده وهو في سن السادسة، فكانت هذه التجربة الصعبة هي أولى محطات حياته التي شكّلت شخصيته، حيث عاش مع جدّه الذي كان شديد الصرامة ولم يقدم له العطف الذي كان بحاجة إليه. ومع ذلك، لم يكن يعاني من الضعف، بل كان يواجه تحديات الحياة بشجاعة وصرامة.
التعليم والنشأة: نشأ المهندس صبحي قنبر في بيئة قاسية، لكنه تعلم من الحياة كيف يكون رجلاً منذ طفولته. عمل بجد إلى جانب والدته وأخته وأخيه، حيث كان يعمل في الأرض رغم صغر سنه. هذا العمل المكثف تحت أشعة الشمس الحارقة ساعده في بناء شخصية صلبة، كانت قادرة على مواجهة تحديات الحياة. بالرغم من الظروف الصعبة، لم يتوقف عن حلمه في أن يكون شخصًا طبيعيًا يستطيع الحصول على الرعاية والاهتمام الأبوي.
بعد أن أتم دراسته في المدرسة الإعدادية، لم يتوقف عند ذلك، بل قرر أن يكمل تعليمه. التحق بمدارس الدبلوم الصناعي، حيث تخرج من أوائل دفعته بعد ثلاث سنوات. ثم التحق بالمعهد العالي للكفاءة الإنتاجية في الزقازيق، وتخرج أيضًا من أوائل الطلاب بعد أربع سنوات من الدراسة المتفوقة.
العمل والمسيرة المهنية: في بداية حياته العملية، عمل المهندس صبحي قنبر كمشرف فني في مصنع الغزل والنسيج، ولكن طموحه دفعه للاستقالة من هذه الوظيفة والانضمام إلى شركة الكهرباء كمشرف فني. استمر في مسيرته العملية، حيث تزوج واستقر عائليًا، بعد أن ضغطت عليه والدته وأخوه الأصغر ليحقق التفوق ويكون قدوة لهم.
لم يتوقف المهندس صبحي قنبر عن السعي لتحقيق طموحاته، حيث التحق بكلية الحقوق في شبين الكوم، وكان من ضمن أول دفعة تتخرج من الكلية عام 1991م. بعد أربع سنوات من الدراسة، حصل على دبلومة في القانون العام. بعد ذلك، قرر أن يستكمل تعليمه والتحق بكلية الهندسة في شبين الكوم، حيث تخرج منها بعد ثلاث سنوات.
التأثير الاجتماعي والسياسي: لم يكن المهندس صبحي قنبر يقتصر في تأثيره على المجال المهني فقط، بل كان له دور كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية في قريته. كان من أول أعضاء مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمع بميت أبو الكوم التي أسسها الرئيس الراحل أنور السادات. كان أيضًا أصغر الأعضاء سنًا، واستمر في تقديم خدماته الاجتماعية بحل المشكلات بين الناس. كان معروفًا بدقته وعدله، حيث قام بوضع جداول الميراث للعديد من الأسر. في أحد المواقف، قال أحد شيوخ الأزهر عندما ذهب إليه أحد أفراد أسرة للحصول على جدول الميراث: "فلتقبلوا لي رأس هذا الرجل"، وذلك تقديرًا لدقته وعدله في توزيع الميراث على الورثة.
كما ترشح لأول مرة لرئاسة المجلس الشعبي المحلي في قريته، ليخوض معركة انتخابية ضد شخص كان قد ورث المنصب عن والده وعمّه. ونجح في هذه الانتخابات بشكل ساحق، ليصبح في موقف قيادي يخدم أهل قريته بشكل جاد ومتفاني. من أبرز الإنجازات التي تحققت في فترة توليه المنصب، كان تنفيذ مشروع مياه القرية، بالإضافة إلى توزيع 29 منزلًا كان متبقيا من مشروع تجديد وتطوير القرية، الذي تم في حضور محافظ المنوفية.
الابتعاد عن المجال السياسي: بعد أداء فريضة الحج، قرر المهندس صبحي قنبر الابتعاد عن المجال السياسي بشكل كامل، نتيجة لما لاحظه من انتشار النفاق والكذب في تلك الفترة. لكنه لم يتوقف عن عمله الاجتماعي، حيث استمر في دعم الناس ومساندة المظلومين. وكان من بين أبرز الأشخاص الذين وقفوا بجانبهم في تلك الفترة، المرحوم النائب طلعت السادات، الذي ترشح لعضوية مجلس الشعب عن دائرة تلا.
لم يتوقف المهندس صبحي قنبر عن مساندة طلعت السادات، حتى عندما تم نقله من عمله إلى مكان بعيد عن مقر إقامته في محاولة لابتعاده عن الساحة السياسية. ومع ذلك، استمر في مواجهة الفساد، بل زادت همته في دعم القضايا العادلة. ظل يقف مع المظلومين ويعمل على حل المشكلات بين الناس مهما كانت الظروف.
المواقف الاجتماعية والسياسية: كان المهندس صبحي قنبر قدوة في العديد من مواقفه الاجتماعية والسياسية، حيث كان يشهد له الجميع بحبه للناس وحرصه على خدمة المجتمع. وكان دائمًا ما يتم ترحيب الناس به في كل مكان يذهب إليه، لما له من مواقف طيبة وأفعال مشرفة في حل المشكلات وتصفية النفوس. وعلى الرغم من ابتعاده عن السياسة بعد فترته في خدمة المجتمع، إلا أن أعماله الجليلة وأخلاقه الحميدة ظلت حاضرة في ذاكرة الجميع.
رحيله: في شهر فبراير من عام 2009، رحل المهندس صبحي قنبر عن عالمنا، تاركًا وراءه ذكريات طيبة وأعمالًا لا تُنسى. على الرغم من أنه لم يتجاوز الـ 57 عامًا، إلا أن سيرته الطيبة وأعماله الخيرية كانت حاضرة في قلوب الناس. كانت جنازته واحدة من أكبر الجنازات التي شهدتها القرية، حيث وصل عدد المعزين إلى الآلاف. جاءت الوفود من كل مكان لتوديع رجل كان نموذجًا للتفاني والخدمة.
آراء حول المهندس صبحي قنبر:
-
الاستاذ ياسين دهوس: "رحم الله المهندس صبحي، لقد كان خير صديق ومحبا للناس، من أصحاب الطموح الذي لا ينتهي."
-
الشيخ محمد أبو اليزيد: "كان خير صديق خرجت به من الدنيا، أكثر من أخي، ومواقفه لا تُنسى. كان يتميز بالطموح وحب الناس وعزة النفس."
-
الاستاذ عماد أبو يوسف: "الله يرحم المهندس صبحي، كان محترمًا جدًا، يحب الناس ولم يبخل على أحد بخدماته."
-
الشيخ محمد يوسف: "صبحي رحمه الله من القلائل الذين بنوا أنفسهم بأنفسهم، كان عزيز النفس وطيب الخلق، ومحبًا للناس."
-
الاستاذ أيمن عبد التواب: "كان محترمًا وخدومًا للناس، وكان له دور كبير في مساعدة الجميع. رحمه الله."
فيديو صغير صنعته له وانتشر بسرعة البرق بين اهالينا في ميت ابو الكوم حبا وترحما على روحه الطيبة

ميت ابو الكوم
الثلاثاء 11-12 -2012 م
صدقت والله فقد كان صاحب رؤيا مستقبلية واضحه تجعلة يأخذ القرار المناسب فى الوقت المناسب
ردحذففقد نسيت أن تذكر أنه بعد حج بيت الله الحرام قرر أن يعتزل الحيه السياسيه تماما لما فيها من نفاق وعندما وجد فى طلعت السادات صور التواصع الذى لايختلف عنها اثنان ققر أن يسانده بكل قوته فى معرفة الناس
ياسين دهوس
لقد نسيت اشياء كثير في شخصيته واخلاقه الطيبة وكان هدفي من المقال تذكره الناس برجل قل وجوده في زماننا شكرا لك استاذ ياسين وننتظر دائما تعليقاتك وارائك البناءة
حذفأزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
حذفهناك شخصيات كثيره لم تذكرها فى بلدتنا وكان لهم تأثير على شباب القريه ...ظ
ردحذفمقال ممتاز وقيم ذو فائدة للقراء والمستخدمين المبتدئين تشرفت بك
ردحذفشركة مقاولات
تشطيب شقق