قصة قصيرة . كتبها الاستاذ "قطب عفر" تأثرا بموقف مر به منذ اكثر من عشر سنوات مرت عندما حاول الحصول على عدة ارغفة من الخبز ....
منذ الساعات الاولى من الفجر يقف الخلق جميعا امام هذا الصرح العملاق مكانه لا مكان امام كشك العيش الذي يتكون من عدة الواح خشبية لا تزيد مساحته عن المتر ونصف
طولا ومتر ونص للعرض
الا انه بهذه المساحة الصغيرة القيمة يحتل ما بين المنشأت التى نراها مكانة مرموقة تتجاوز السدود والحدود والقيود ايضا
فهو يقع ما بين مبنيين احدهما دارا للمناسبات والاخر قصرا للثقافة
اما عن المبنى الاول فلقد اعد لمقابلة الوفود التى اتت من كل حدب وصوب لكي تواسي اسرة الفقيد ثم يتناوب قراءة القرآن شيخان وتنتهي الليلة بعبارة الاسطى عبدالله المشهورة
ان لا عزاء للسيدات بعد اليوم
وكأنه يذكرهم بان العزاء الليلة القادمة بمنزل اسرة الفقيد ثم يغادر القوم دار المناسبات لا يعلم احدهم من عليه الدور المرة القادمة .
لا يقتصر دور هذه الدار على الاحزان فقط وانما قد اعدت ايضا لاقامة الافراح والليالي الملاح فيمكن ان تجرى فيها مناسبة فرح ثم يأتي الاهل والاقارب بالعروسين وقد شيد لهم مسرحا يحل محل الشيخان ثم تبدأ الفرقة التى لا تستطيع ان تميز في ادائها ما بين الغناء والرقص ؟
وما ان توشك الفرقة ان تنتهي من الغناء حتى يجذب احد المطربين العروسين للرقص لا لانه سعيد به ولكن ليستنفذ من الوقت ما تبقى من رصيد لانه لا يملك من الاغاني ما يغطيه .
اما عن المبنى الاخر الذي هو قصرا للثقافة الذي يتكون من عدة قاعات ومسرح وقاعة عرض سينما وكتبا لمشاهير الكتاب والادباء والفلاسفة في شتى علوم الدنيا الا ان الناس قد شغلتهم لقمة العيش عن القراءة فمن يقرأ او يسمع حتى؟
هكذا رحل زمن العقاد وطة حسين واساتذتنا الكبار امام زمن لا يعرف القراءة ولا كيفية استخدام حروف الهجاء .
نعود ونلتقي مع ضيفنا الكبير الذي هو محور حديثنا وألمنا ومصيبتنا في هذه المرة فهو النجم الساطع واللامع والذي تدور في فلكه تلك المنشأت التي ذكرناها سابقا .
ينقسم الناس امام هذا الصرح الاستراتيجي الخطير والعملاق المهيب وكانه لامكان الا قسمين احدهما يقف في الطابور الذي يتحرك بطيئا جدا هذا ان كانت هناك حركة!!
حتى اني سمعت احدهم يبارك للاخر انه قد وصل الى الشباك الخاص بالكشك وبحمد الله وفضله سوف يحصل على خمسة او ربما عشرة ارغفة يفطر بهم هو واولاده.. وهو وحظه اذا وجد الخبز اصلا صالح للاستخدام الادمي.
اما عن الصنف الاخر فهو ذو مصالح مشتركة بينه وبين سيدة القصر التى تعيش عصر الفتوات ايام الحسينية والجمالية قديما
عندما يغيب القانون والدولة وتتراجع كل القيم والمبادئ تصبح هي القانون النظامي والسلطان في زمانه
فلتصمت وتكن محترما ولا ترفع صوتك حتى لا تغضب عليك وتقذفك بابشع الشتائم ويحرم عليك مهما وقفت هنا ان تحصل على سحلة العيش المتكورة .
مشهد يذكرنا بفرعون عندما يدخل النار ومعه قومه
فرعون نعم ...
اما قومه فلماذا ؟ لانهم هم الذين اوصلوه الى هذا الحالة فاستهان بهم دنيا واخرة
فعندما يأست كل قدم ويد لي من الوصول الى الشباك خرجت من الطابور بعد ان وقفت فيه اكثر من ثلثي الساعة امام درجات السلم الخاصة بقصر الثقافة وانا ارى بنفسي احدهم من المعارف لسيدة القصر يقف بعيدا او يدخل قليلا من باب الكشك بمنتهي الهدوء ليحصل على مايريد من العيش ربما عشرون رغيفا بل اني رأيت احدهم يأخذ اربعون رغيفا مرة واحدة ولم يتهادى طرف جلابيته حتى بالهواء
اصبحت الساعة الثامنة الا الربع ويجب ان اخطو سريعا لالحق بعملي كمدرس بالمدرسة الابتدائية والا سيشطب المدير على اسمي واخسر يوم كامل من العمل ويخصم من مرتبي وانا لم اكد احصل على هذه الوظيفة الا منذ شهور بعد انتظار دام اثنى عشر سنة كاملة
لم تكد تخطو قدمى عدة خطوات وانا انظر الى ذلك الكشك بلونه الاخضر الباهت واجسام الناس تتراص امامه ومن حوله الا وتجلدت حتى لا تتساقط من عيني الدموع دون وعي وعندما شرعت في الانعطاف يمينا ومتجها الى منزلي وجدت احدهم وهو زميل في مهنة التدريس وله صلة قرابة بسيدة القصر يعرض علي ان اخذ رغيفين لافطر بهما فرفضت ومنعتنى عزة نفسي فعاود العرض مع الحاقه بجملة .. انه سيرمى هذه الارغفة لتكون فطور لمواشيه . فتمنعت ورفضت وانا اشيح بواجهى
ولم اعرف هل ابكي واترك العنان لعيني تزرف الدمع على عرضه الذي احزنني ام على عدم تمكني من الحصول على خمسة ارغفة افطر بهما انا وزوجتى وابني ام على تعليمي العالي وتمسكي بالاخلاق والادب
فهل يجب ان اتجرد من كل انسانية واصبح فظا ذو صوت عالي والفاظ قذرة حتى احصل على اقل الحقوق من ارغفة الخبز ام انأى بنفسي بعيدا واعتاد الامر .
2-10-2000
ا: قطب عفر
مدرس ابتدائي
منذ الساعات الاولى من الفجر يقف الخلق جميعا امام هذا الصرح العملاق مكانه لا مكان امام كشك العيش الذي يتكون من عدة الواح خشبية لا تزيد مساحته عن المتر ونصف
طولا ومتر ونص للعرض
الا انه بهذه المساحة الصغيرة القيمة يحتل ما بين المنشأت التى نراها مكانة مرموقة تتجاوز السدود والحدود والقيود ايضا
فهو يقع ما بين مبنيين احدهما دارا للمناسبات والاخر قصرا للثقافة
اما عن المبنى الاول فلقد اعد لمقابلة الوفود التى اتت من كل حدب وصوب لكي تواسي اسرة الفقيد ثم يتناوب قراءة القرآن شيخان وتنتهي الليلة بعبارة الاسطى عبدالله المشهورة
ان لا عزاء للسيدات بعد اليوم
وكأنه يذكرهم بان العزاء الليلة القادمة بمنزل اسرة الفقيد ثم يغادر القوم دار المناسبات لا يعلم احدهم من عليه الدور المرة القادمة .
لا يقتصر دور هذه الدار على الاحزان فقط وانما قد اعدت ايضا لاقامة الافراح والليالي الملاح فيمكن ان تجرى فيها مناسبة فرح ثم يأتي الاهل والاقارب بالعروسين وقد شيد لهم مسرحا يحل محل الشيخان ثم تبدأ الفرقة التى لا تستطيع ان تميز في ادائها ما بين الغناء والرقص ؟
وما ان توشك الفرقة ان تنتهي من الغناء حتى يجذب احد المطربين العروسين للرقص لا لانه سعيد به ولكن ليستنفذ من الوقت ما تبقى من رصيد لانه لا يملك من الاغاني ما يغطيه .
اما عن المبنى الاخر الذي هو قصرا للثقافة الذي يتكون من عدة قاعات ومسرح وقاعة عرض سينما وكتبا لمشاهير الكتاب والادباء والفلاسفة في شتى علوم الدنيا الا ان الناس قد شغلتهم لقمة العيش عن القراءة فمن يقرأ او يسمع حتى؟
هكذا رحل زمن العقاد وطة حسين واساتذتنا الكبار امام زمن لا يعرف القراءة ولا كيفية استخدام حروف الهجاء .
نعود ونلتقي مع ضيفنا الكبير الذي هو محور حديثنا وألمنا ومصيبتنا في هذه المرة فهو النجم الساطع واللامع والذي تدور في فلكه تلك المنشأت التي ذكرناها سابقا .
ينقسم الناس امام هذا الصرح الاستراتيجي الخطير والعملاق المهيب وكانه لامكان الا قسمين احدهما يقف في الطابور الذي يتحرك بطيئا جدا هذا ان كانت هناك حركة!!
حتى اني سمعت احدهم يبارك للاخر انه قد وصل الى الشباك الخاص بالكشك وبحمد الله وفضله سوف يحصل على خمسة او ربما عشرة ارغفة يفطر بهم هو واولاده.. وهو وحظه اذا وجد الخبز اصلا صالح للاستخدام الادمي.
اما عن الصنف الاخر فهو ذو مصالح مشتركة بينه وبين سيدة القصر التى تعيش عصر الفتوات ايام الحسينية والجمالية قديما
عندما يغيب القانون والدولة وتتراجع كل القيم والمبادئ تصبح هي القانون النظامي والسلطان في زمانه
فلتصمت وتكن محترما ولا ترفع صوتك حتى لا تغضب عليك وتقذفك بابشع الشتائم ويحرم عليك مهما وقفت هنا ان تحصل على سحلة العيش المتكورة .
مشهد يذكرنا بفرعون عندما يدخل النار ومعه قومه
فرعون نعم ...
اما قومه فلماذا ؟ لانهم هم الذين اوصلوه الى هذا الحالة فاستهان بهم دنيا واخرة
فعندما يأست كل قدم ويد لي من الوصول الى الشباك خرجت من الطابور بعد ان وقفت فيه اكثر من ثلثي الساعة امام درجات السلم الخاصة بقصر الثقافة وانا ارى بنفسي احدهم من المعارف لسيدة القصر يقف بعيدا او يدخل قليلا من باب الكشك بمنتهي الهدوء ليحصل على مايريد من العيش ربما عشرون رغيفا بل اني رأيت احدهم يأخذ اربعون رغيفا مرة واحدة ولم يتهادى طرف جلابيته حتى بالهواء
اصبحت الساعة الثامنة الا الربع ويجب ان اخطو سريعا لالحق بعملي كمدرس بالمدرسة الابتدائية والا سيشطب المدير على اسمي واخسر يوم كامل من العمل ويخصم من مرتبي وانا لم اكد احصل على هذه الوظيفة الا منذ شهور بعد انتظار دام اثنى عشر سنة كاملة
لم تكد تخطو قدمى عدة خطوات وانا انظر الى ذلك الكشك بلونه الاخضر الباهت واجسام الناس تتراص امامه ومن حوله الا وتجلدت حتى لا تتساقط من عيني الدموع دون وعي وعندما شرعت في الانعطاف يمينا ومتجها الى منزلي وجدت احدهم وهو زميل في مهنة التدريس وله صلة قرابة بسيدة القصر يعرض علي ان اخذ رغيفين لافطر بهما فرفضت ومنعتنى عزة نفسي فعاود العرض مع الحاقه بجملة .. انه سيرمى هذه الارغفة لتكون فطور لمواشيه . فتمنعت ورفضت وانا اشيح بواجهى
ولم اعرف هل ابكي واترك العنان لعيني تزرف الدمع على عرضه الذي احزنني ام على عدم تمكني من الحصول على خمسة ارغفة افطر بهما انا وزوجتى وابني ام على تعليمي العالي وتمسكي بالاخلاق والادب
فهل يجب ان اتجرد من كل انسانية واصبح فظا ذو صوت عالي والفاظ قذرة حتى احصل على اقل الحقوق من ارغفة الخبز ام انأى بنفسي بعيدا واعتاد الامر .
2-10-2000
ا: قطب عفر
مدرس ابتدائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق